أغنياء ولكن

لدينا سيّارةٌ لكننا لا نملك ثمن وقودها

عندنا أحصنةٌ لكنّ العلف غالٍ للغاية

حمارنا تبنهُ مفقود…

لدينا الكثير من البرّادات لكن ليس فيها ماءٌ يروي عطشنا

مئاتُ الخزّائن الخاوية من رائحة المال

لديّ حبيبةٌ لكنّي لا أملك ثمن نبيذها ليكتمل المشهد

لدينا صباحاتٌ لكن لا قهوة

الكثير من الياسمين لكن لا أنوف لنا

أغنياتٌ تغلق الشوارع من كثرتها لكن لا أذان لتصغي

الكثير من الجوامع التي لا أبواب لها

لدينا هواتفُ لكن لا رصيد

خواتم لكن لا أصابع

لدينا أصدقاءٌ … مشغولون عنّا

لدينا مطاراتٌ وتذاكر سفرٍ ومال… لكنّ جوازنا منتهي الصلاحية

لدينا بحورٌ من الدفاتر لكن لا قلم

لدينا ما لدينا

دموعٌ لا عيون لها

بحورٌ لا موج فيها

ولدينا صدى

 

بكر الجابر

28/7/2014

لنا ولكم

 

لكم كلابكم الأليفة

ولنا حقائبُ سفرنا

نجرّها خلفنا برشاقة

 

حتّى أننا بتنا نمشّيها كل صباح

لكي تحافظ على لياقتها

 

****

 

ليس حقداً أو كراهية… لكننا مثلكم

نحزنُ على حقائبنا حين تمرض

نقيمُ لها العزاء حين تموت

 

تلدُ لنا رفاق طرق وبناتِ صُدَف

تنام في مخادعنا

تماماً ككلابكم

 

****

 

لكم كلابكم الأليفة ولنا أوطاننا المتنقّلة

نجرّها خلفنا…

نحملها بين أيدينا حين نقطع الطرقات خوفاً عليها

وتنقطعُ أيديها في مواقف حاسمة

لكننا نتدارك الموقف

 

****

 

لا تعطوني حيواناً أليفاً

أعطوني حقيبةً كبيرة

تتسعُ لقمرٍ وحفنة أصدقاء وسماء من أهل

 

أعطوني حقيبةً أضع في جيبها الجانبي

وطناً وفرشاة أسنان

وشريط كاسيت لناظم الغزالي لأبكي حين أسمعه

 

أعطوني حقيبةً ذات لونٍ جذّاب

لأشعر بأنني أجر كلب هاسكي كما تفعلون

 

****

 

لكم كلابكم الأليفة ولنا حقائبنا الجميلة

نضعنا فيها

ونمشي

ونحن ندندنُ أغاني أم كلثوم في المساء

وأغانٍ هابطة عند الظهيرة

 

بكر الجابر

19/6/2014

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الطفل والقنّاص

الطفل الذي سقط في منتصف الطريق
لم يكن حرف علّة
والرصاصة التي اخترقت صدره
لم تكن حرفاً جازماً

نزف أولاً رائحة الياسمين في داره
ثم صورة بنت الجيران
خرج بعدها القط الذي كان يربّيه
رعشة خفيفة أنبئتنا بأمّه

ثم توقّف النزف
عالجهُ عزرائيل الذي نجا من القنص بأعجوبة

القنّاص بدوره يشرب “المتّة” ويقهقه من فوق السطوح

 

بكر الجابر

21/12/2013

دعوة عامّة

دعوة عامة للبكاء … على كل شيء ولأجل كل شيء

العشّاق على حبيباتهم
الوطنيون على أوطانهم
أصحاب القضايا على قضاياهم
ناشطو حقوق الحيوان على حيواناتهم

السجناء على قضبانهم
السجّانون على قلوبهم
الطغاة على شعوبهم

سائقوا التكسي على القطط المدهوسة
الأطباء على مرضاهم
والمرضى على أسعار الدواء

البكاء هو خلاصنا الوحيد
نحن مدمنو البكاء لأننا لا نملك ثمن الحشيش

بكر الجابر
20/9/2013

تعاريف

المدى….ضجيجٌ مطلق … مقبرة أصواتنا ومنتهاها

الأخبار …طفلٌ بلا رأس

الوطن ….أشلاء وذكريات

الأخبار مرة أخرى ….جنيف 16

الحقيبة … وطن مطيع

أنتِ … تفاحة – خضراء – إن شئتِ

الكتابة … دواء المقهورين

الصمت… عالٍ للغالية

صدركِ .. وطن متنقل يرفض اللاجئين

الشفّة العليا … بحاجة إلى سيليكون

الحمّام … فاصل إعلاني

البكاء … مضيعة للوقت

الفرح…. مضيعة للوقت

الحزن… مضيعة للوقت

الأرق… مضيعةٌ لكِ

الورق … فناءٌ فسيح

الكتاب … رحلة

السفر … آية

الحذاء .. حذاء

أنتِ … تفّاحة حمراء هذه المرّة

 

الصديق … عكّازة

المال … غاية ووسيلة

الماء .. غاية ووسيلة

الضباب … رؤية زائدة

الشمس .. ثورة

أنا .. أنتِ

أنتِ .. أُفق

بكر الجابر

4/11/2013

شيء في رثاء الحوت

إلى أبو أُبيّ الحبيب … عُمَرْ غسّان الجابر … الحوت

لرحيلكَ كلُّ الناياتِ تأنُّ

وكلُّ  الأوجاعِ تعنُّ

وكلُّ الآهات تخنقُ حنجرتي

 

ليلي أقسمهُ ليلان

ليلٌ للحزنِ وللوجعِ وللحبْ

وليلٌ لكَ وحدَكْ

ليلٌ  لكْ

 ليلكُ .. ليلكُ .. يا ليلكنا

 

وتركتنا .. وتركتَ جُرحاً نازفاً فينا… عُمَرْ

 

 جنونُكَ .. حدقتاكَ العسليتان والعينانِ الحمراوان … ضحكتكَ .. دموعكَ وأنت (( تغتُّ ))

  شخيركَ … صورتكَ وأنت تقودُ (( الكولف ))

 كلّها تلحُّ عليّ

تجتاحني دفعةً واحدة

 

يبكيكَ القلبُ … وتبكيكَ العينُ … وتبكيكَ الشُرفات ..

 

والقمرُ الشاحبُ يبكيك

وأنتَ أمامي تضحكْ

****

– نموتُ نموتُ ويحيا الوطن –

 ها أنتَ ذا صدقتَ وعدك .. على أمل ألّا يُخلفَ الوطنُ وعدَه

 

 رحيلكَ ينهشُنا

 

بتاريخ 17/4/2011 كتبت تعليقاً على إحدى المنشورات : (( لديَّ ولدان .. أنا مستعد للتضحية بهما وبنفسي في سبيل هذا الوطن ))

 

طوبى لروحكَ يا عريس …

 لأبيّ وآدم منّي السلام

ولزوجتكَ الفخرُ .. كلّ الفخرْ

ولعُمَرْ الآتي من بعدك … أهديهِ روحك

 

أبا أبيّ … أودعناك أمانةً في ذمّةِ الله والفرات

5/1/2013

 

عن الرحيل … والعودة

ولسوف تذروك الرياح على مدائن هجرةٍ

ولسوف تبكي في المحيط وفي الخليج وفي البراري

ولسوف تصرخ يا قلاع الهجرِ كفّي عن حصونكِ

وافتحي الأبواب للعَودِ الحميد

ويا رياح أما حفظتِ ملوحتي في الجو كي أقوى على شمس الظهيرة في البلاد

 

كلّي أطيرُ مع الهواءِ إلى الهواء

وليس يرقُبني هواءٌ … ليس يحملني هواء

 

هل يعرف المنسيُّ ظلّه؟!…

هل تذكر الطرقات قطّتها الضليلة ؟
أم أن حاوية الزقاق نقضت عهوداً للقطط …

يا للقطط

بكر الجابر
دمشق 25/6/2015

أشياء تتحقق

طائرتا ميغ تغردان على الشجرة التي أمام منزلنا

دبابة T72 تركض خلف ناقلة جند بهدف النكاح

BMB في الفسحة المقابلة تعوي

طائرة سوخوي شاردة والبلديّة تخصص 200 ل.س لمن يصطادها

رشاش دوشكا يقوم بدوره كديك

عصفور حقيقي يكسر حاجز الصوت

أشياء تتحقق ببساطة

دمشق 2013

سراب

سلامٌ للذين أحبّهم عمداً

ويهووني مصادفةً

وينسوني مراراً في اختبار الليل والذكرى

وأذكرهم مع كل وِرْدٍ أو صلاة …

*****

هي في الغياب بعيدةٌ

هي في الحضور قريبةٌ

هي في الحقيقة مثل طيفٍ من سراب

لا تداعبها فتنتحر القصيدةُ

قال لي ومضى

أقول له:

فلنعبث بموسيقى الكلام

ولنعبث ببعض طيفٍ من غمام

ولنصنع ملاكاً من وهج

ولنحرق رموش العين فيه

ولننسى زمان الخائفين

وأوجاع الذين مع الزمان مضوا

وأوجاع الذين في الزمان بقوا

وأوجاع الغزاة الكامنين

داعبها لتكون لك

داعب طيفها لتكون ملكك

 

هي في الغياب بعيدةُ

هي في الحضور قريبةٌ

هي في الحقيقة مثل طيفٍ من سراب

 

بكر الجابر

القاهرة 13/12/2012

 

 

 

إصلاحات

يبدو أن هنالك بعض  الإصلاحات الجسديّة التي يتوجب عليّ أن أقوم بها بشكلٍ سريع…

كأن أحوّل عضوي الذكري إلى مضاد للطائرات قادر على مواجهة ما بعد الميغ 24، ليس هنالك أي ضمان على ألّا يستخدمها أحد ضدّنا فيما بعد .

عيني سأضيف لها خاصية مسح المناطق بالأشعة فوق الحمراء وتحت البنفسجيّة لتحديد أماكن الآليات الثقيلة، كما سأحوّل زجاجها الخارجي إلى مضاد للرصاص..

بصاقي سأضيف له مسحوق حمضي حارق..

سائلي المنوي قد أستخدمه لتطوير أسلحة محرّمة دولياً .. سأحوّله إلى ما يكافئ اليورانيوم المخصّب…

قدمي سأجعلها قاذف للكتل الحديديّة…

صدري سأجعله متراساً من التراب … قلبي سأضع له كلمة سر الدم كما كنا نفعل حين نلعب الكاونتر سترايك…

أصابع يدي سأجعل لها خاصية الإنطلاق بأقصى سرعة ممكنة إلى عيون من يواجهني وسأضاعف هذه القدرة لإصبع محدد وأوجهه إلى منطقة محددة لدى العدو …

ليس هنالك أي ضمان لنا إن لم نفعل ذلك … صدقوني

دمشق 20/8/2012