هشاشة

تشيزوفرينيا
تشيزوفرينيا/ عبد الله العمري

لو مدّ أحدهم يده فقط لاخترقني أنا الهشُّ المحافظ على ثباتي …
لو أنَّ لي القدرة على الخلق لكوّنت حضن فتاةٍ وبكيت حتى الخلاص …
لن تبلغ الأشياء خفتها حتى يعرّيني الحنين إلى ربوعك ..
وبعض الناس تشتهي أن تعانقهم حتى بعد أن تعانقهم ..

الآن وهنا أريد أن أبكي … مع أني مرتاح للغاية
لكن ليس لدي القدرة على الفرح .. ثمة شيء ما في منتصف الحلقوم تماماً أريد أن أتخلص منه ..

احتويت أبعاد الزمان والمكان والشخوص وحاولت أن أبلغ الخفّة ساعياً وراء الدهشة.. لكن لا سبيل
ماءٌ كله ماء .. سعيي
سأعترف ..
مشكلتي الحقيقية عندما أركن إلى نفسي .. ثمة رعب حقيقي .. خوف .. أرق .. وجع .. قهر .. حركة عالية للعقل .. توتر .. لا أعرف ..

حكمة في غير محلّها ..
السيارة دون الطريق تفقد قيمتها .. الطريق لا يفقد قيمته دون سيارة .. ثمة ما يعطيه قيمة أيضاً .. الحمار ، الإنسان ، الدرّاجة .. البصاق الذي على الإسفلت ..

(( نحن محكومون بالنسيان …
وما سمّي الإنسان إلا لنسيانه !!! ))
إما أنّي لست إنساناً أو أن ما سبق خاطئ بالضرورة

كيف لي أن أتذكر كل المرارة جرعة واحدة وبالتفصيل منذ أن قتل قابيل هابيل إلى أن نكز موسى الرجل بعصاه فقتله ..
عندما خرق خضر السفينة تلك كنت على متن سفينة القراصنة واستولينا عليها ..
في الغزوات كنت مع الخاسر دائماً ولو أنّي لم أكن مع المسلمين يوم اُحد لانتصروا حتماً ..
في الحرب العالمية الأولى كنت مراسلاً حربياً ..
وفي الحرب الأهلية الإسبانية قاتلت مع فرانكو وكدت أن أموت فأخذت نقاهة في الحرب الثانية ..
نسيت أن أخبركم بين علي ومعاوية كنت براغماتياً كذاك الأعرابي :
(( الصلاة خلف عليٍّ أقوم ، والطعام عند معاوية أدسم ))
في العراق كنت جريحاً إيرانياً وقتيلاً كويتياً وضحيّة كرديّة بالكيماوي و جلدت نفسي على الحسن كما الحسين وبنفس الأدوات ..
في أفغانستان هدمت الاتحاد السوفيتي بيدي وراوغت أمريكا إلى أن عادت وأصابتني بكتفي في العراق ..
في مصر هُزمت مع نابليون في حملته ثم قاومت الإنكليز مع محمد صبحي في ذلك المسلسل وكنت معجباً ب (( الكونتيسة )) إلّا أنّه سرقها منّي ، كنت ناصريّاً إلى أن نسي الناصريون جمال ثم أصبحت ليبرالياً إلى أن صار الليبراليون إخواناً ولمّا كنت أخاً أخبروني بأن دفتر عائلتهم ممتلئ وليس هنالك أي خانة فارغة فوقفت في الميدان الثالث لاعناً السيسي ومرسي والبرادعي ومبارك وصبّاحي وأبو الفتوح .. ولم أكن أبكي على الضحايا لسبب شخصي ..

يبدو أن مقولة النسيان صحيحة.. ما من شيء في سورية منذ انقلاب حسني الزعيم حتى مجازر السافل اليوم .. لا أذكر شيئاً أبداً ..

كم أنا إنسان …

بكر الجابر
15/8- 29/8 / 2013

للتعليق  aljaberbaker@gmail.com لأسباب تقنية

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.