حوار مع الذات والآخرين

صرخة/ ادفارت مونك

كيف حالُك ؟؟!

أنتَ الخارجُ من رحمِ أُمّكَ … الساعي إلى رحمِ الأرض … القابعُ في رحمِ المعاناة …
الصاعدُ إلى الهاوية ولكن دون جدوى …

المخيّرُ بين العدمِ والعدم … أيَّ عدمٍ ستختار …
البقاءُ فناءٌ بطعم الحياة … والرحيلُ حياةٌ بطعم الموت …

وماذا يعني لكَ الوطن ؟؟

وماذا تعني لكَ اللعبة السياسية أو الإقليميّة أو حتّى الدوليّة …

سأتركُ لكم ألعابكم كلَّها علّني أعود يوماً وأجدكم قد كبُرتُم بعض الشيء …
هنيئاً لكم ..

خرجتَ من رحمِ أُمّكَ وقد علَا صوتُ صراخِكَ على صوت مباركات القابلة …
فلماذا تصمتُ الآن وأنت في أشدِّ الحاجة إلى الكلام …
صحيحٌ بأنَّ صوتك مسموع في أرجاء المكان لكن ليس لهُ أي طعم أو معنى ..

ما أبلغَ الصرخةَ الأولى أمام كلامكَ هذا ..

صرخةٌ تخترقُ عنان السماء ..

صرخة تختصرُ كل خُطَب رؤساء وسياسييِّ وعسكرييِّ وقيادييِّ العالم ..

صرخة تقول : (( أنا هُنا موجود … وسأواجهكُم .. وسأبولُ على كلِّ شيء … أبولُ على السرير والقابلة والطبيب وأمّي وأبي …أبولُ على المشفى وعلى صاحبِ المشفى … أبولُ على الديكتاتور الذي تخشون إذا لزم الأمر .. المهمُّ الآن أن أُشبعَ غريزتي في البول وليذهب كل شيءٍ آخر إلى الجحيم ))

تصرُخُ صرخةً تقول فيها أشياء تعجَز كل مفردات الكون عن وصفها ..
تصرُخُ بكلِّ ما آتاكَ اللهُ من روح .. تصرُخُ صرخةً خام .. صرخة بِكر .. تتمردُ على كلِّ شيء .. ولا تعترفُ بأيّ هُدنة …

يقلِبونكَ رأساً على عقِب … يعيدونك عقباً على رأس علّك تصمت قليلاً …
– لا تصمتْ أيها الأحمق – …

ما إن تصمت حتّى تدخل روتين هذه الحياة المقيت …

تختصرُ الحياة في نصف ساعة …
تستحمّ .. تأكل .. تخرى .. تنام ..

لماذا يفطموننا عن الصُراخ ؟؟!

أريدُ أن أصرُخ دون أن تصيحَ بي أُمّي وتهددني بقذفي بما تحمل في يدها .. أريدُ أن أصرخ دون أن أخاف من أن أوقظ والدي … دون أن أحسب حساباً لجيراني .. دون أن أُغلق النوافذ..

أريدُ أن أصرُخ من دون أيِّ قيدٍ أو شرط ..

لماذا لم تُسجّلوا لي صرختي الأولى … أريدُ أن أضعها نغمةً لهاتفي ولرسائلي وللمنبه ولجرس المنزل إن كان بالإمكان ..

سأملاُ الدنيا صراخاً …

ما أبسطَ الكلام أمام الصُراخ …

أريدُ أن أصرُخ ..

بكر الجابر

28/10/2012

للتعليق  aljaberbaker@gmail.com لأسباب تقنية

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.